لكل شخص مخاوفه،حتى اكثر الناس شجاعة تخاف من الأشياء الملموسة مثل العناكب أو المرتفعات، أو ربما تخاف من الفشل أو التغيير أو أي شيء آخر يصعب التغلب عليه. مهما كان الشيء الذي يخيفك،عليك ان تتعلم كيفية الاعتراف بوجوده، مواجهته والسيطرة عليه لمنعه من عرقلتك ومواصلة تقدمك.

المحتويات

أولاً: تحليل خوفك

1. البدء بالاعتراف به

من السهل تجاهل مخاوفنا أو نكرانها حتى مع انفسنا،لاسيما في مجتمع يركز بشدة على أهمية القوة و الشجاعة.غير أن الشجاعة نفسها لا تظهر سوى في حالة وجود الخوف،كما يعتبر التحكم في المشاعر اتخاذ الخطوة الاولى للسيطرة على الوضع.

قم بتسمية خوفك. تعرف المخاوف بنفسها في الحين و بصورة واضحة، بينما يصعب أحيانا تسمية أسباب مشاعر القلق الكامنة في اذهاننا.فاسمح لخوفك بالظهور وأعطه اسما.

قم بتدوين مخاوفك. إن تدوين مخاوفك طريقة للاعتراف رسميا بوجود مشكلة ترغب في القضاء عليها.كما يعتبر امتلاك مذكرة طريقة جيدة لمراقبة تطورك أثناء عملك في السيطرة عليها،كما أنها قد تصبح بمثابة مرجع تهتدي به عندما تواجهك مشكلة أخرى يتوجب عليك حلها. فلا تستطيع التغلب على مخاوفك إلا في حالة مواجهتها كلما اعترضت طريقك. وكلما اتخذت قرارا، سرعان ما تتبدد كل مخاوفك.

2. تحديد معالم خوفك

إن الاقتراب من مخاوفك باعتبارها امرا ذو بداية ونهاية من شأنه مساعدتك على الإقرار بتمتعك بالقدرة الكافية على احتوائها. فاذا كنت تستطيع رؤية شكل مخاوفك بصورة واضحة،فستتمكن من إدراك مدى تأثيرها عليك و هكذا ستتعامل معها بفعالية أكبر.

أجب على الأسئلة التالية لتتمكن من فهم خوفك بصورة أفضل:

ما هي خلفية خوفك؟ هل بدأ الخوف عند مرورك بتجربة سيئة؟ أو هو مرتبط بظروف أثرت على طفولتك؟ وكم مضى على تأثرك به؟

ما الذي يثير خوفك؟ هل هو شيء واضح كرؤية ثعبان يزحف؟ أو هو شيء يماثل مرورك بمكتب مستشارك المهني فتدخل في دوامة تذكرك بمرورك برواق ثانويتك؟ إن اكتشاف كل الأشياء التي تثير خوفك سيمكنك من معرفة إلى أي حد يمتد هذا الأخير.

كيف يأثر خوفك عليك؟ هل يدفعك إلى ملازمة الفراش عوض النهوض والذهاب إلى حصة الدرس التي تخشى الرسوب فيها؟ هل تتفادى زيارة أقاربك الذين يعيشون في بلد غير الذي تعيش فيه لأنك تخشى ركوب الطائرة؟ عليك باكتشاف مدى التاثير الذي يمارسه خوفك على ذهنك وتصرفاتك.

هل مصدر خوفك خطير بالفعل؟ الخوف قد يكون أحيانا شعورا صحيا يحمينا من مختلف المخاطر عن طريق دفعنا إلى تفاديها. يجب عليك أن تحدد ما إن كان لديك سبب وجيه في الشعور بالخوف أو أن خوفك في غير محله. على سبيل المثال، إن كنت تخاف ركوب الأفعوانية في مدينة الملاهي رغم أن كل أصدقائك يركبونها، فربما يكون خوفك معرقل لحياتك، فإن كنت بصحة جيدة وفي السن المناسب، يمكنك ركوب الأفعوانية بكل حرية ودون الخوف من التعرض للأذى.

3. تصور النتيجة المرجوة

بما أنك تفهم خوفك كليا الان، فكر بما تريد تغييره بالضبط، ورغم أنه لديك هدفك الكبير وهو رغبتك في التغلب على خوفك، لابد من تحديد أهداف ملموسة أخرى لمساعدتك على تحقيق هدفك الأساسي، مثلا:

  • إذا كنت تخاف من الالتزام، عليك مواعدة شخص لأكثر من شهر.
  • إذا كنت تخاف من المرتفعات، عليك الذهاب في نزهة جبلية مع نادي مدرستك.
  • إذا كنت تخاف من الذهاب إلى الجامعة، فعليك البدء بوضع هدف لإرسال طلبات الالتحاق إلى ثلاثة جامعات.
  • إذا كنت تخاف من العناكب، فعليك أن تسيطر على الوضع المرة القادمة التي ترى فيها عنكبوتا في حمامك.

ثانيا: السيطرة على خوفك

1. حاول إزالة الخوف تدريجيا

في أغلب الاحيان، نشعر بالخوف من شيء ما لاننا لم نتعرض له بما فيه الكفاية. أن “الخوف من المجهول” جملة شائعة تستعمل لوصف النفور التلقائي الذي يشعر به بعض الاشخاص اتجاه شيء مختلف.فاذا كنت تشعر بالخوف من شيء ما بسبب غموضه،حاول التعرض اليه شيئا فشيئا حتى يتيسر لك فهمه على نحو افضل و يبدأ ذلك الخوف في الزوال.

اذا كنت تخاف من العناكب،فعليك ان تبدأ بالنظر الى خربشات عناكب مرسومة بشكل سيء و بالوان ساذجة،فان استطعت السيطرة على مشاعرك عند النظر إلى هذه الرسومات،شاهد بعدها صورا حقيقية للعناكب،ثم حاول ان تتخلص من عناكب ميتة مثلا.اثناء اكتسابك للمزيد من الثقة اثناء مرورك بكل مرحلة تبرهن فيها لنفسك انه بوسعك السيطرة على رهابك،سيتبدد هذا الاخير حتى يصبح كمجرد الشعور بوخزة في أسوأ الظروف.

اذا كنت تخاف من شيء اقل واقعية مثل التغيير،فابدأ بتغيير روتينك اليومي قليلا،قم مثلا باضافة ركض صباحي في جدولك اليومي،او استقل الحافلة بدلا من السيارة عند ذهابك الى العمل.سترى انه بوسعك التعامل مع كل ما ترميه اليك الحياة،و ستساعدك الثقة التي تبنيها على التعامل مع التغييرات الكبرى في حياتك.

2. اعتمد على المواجهة المباشرة

احيانا،تعتبر مواجهة مخاوفك وجها لوجه الطريقة المثلى في التغلب عليها،لاسيما ان تعلق الامر بوضع او شخص معين تخاف منه،فبكل بساطة،مواجهة مصدرخوفك سيسمح لك بالرجوع الى ارض الواقع و الادراك انه ليس ثمة شيء يستحق هذا الخوف.

3. تخيل أسوأ السيناريوهات

ما هو اسوأ شيء قد يحدث ان قفزت من فوق اللوح في المسبح؟او ان قمت بتحديد موعد مع محاسبك لمراجعة وضعك المالي؟ان لم يكلفك الامر حياتك،و يجعلك في المقابل فخورا بنفسك،فلا تتردد.

4. كن مستعدا للتعامل مع الفشل

مواجهة خوفك قد يكون امرا صعبا، ولن يؤدي حتما الى حصولك على مرادك المتمثل في الزوال الفوري للخوف.فمن المحتمل ان تضطر الى خوض عدة معارك مع خوفك قبل ان تخرج منتصرا عليه.

5. لا تتراجع

ان التعامل مع الخوف يحتاج الى قدر معين من الزخم،فقد تشعر بالرغبة بالاستسلام ان واجهتك بعض الانتكاسات،و لذا،عليك ان تحافظ على عزيمتك حتى و ان بدا لك التغلب على خوفك امرا مستحيلا،و ذلك بأخذ هذه النصائح بعين الاعتبار:

6. لا تخلط بين الخوف والقدر

فخوفك من الفشل،قد يدفع بك الى التفكير انه غير مقدر لك ان تعمل في مجال الطبخ مثلما حلمت دوما،او ان تغادر مدينتك،او تتغلب على خوفك في التفاعل الاجتماعي.غير ان الحقيقة هي انك تتحكم في مستقبلك،و لديك القدرة على اختيار الطريق الذي تريد.قاوم اغراء الامل و لا تدع كل شيء للقدر.

7. لا تسمح لأحد أن يدفعك إلى التراجع

انتبه للذين يحاولون تغذية مخاوفك عبر تثبيطك و تغذيتك بالتعاليق السلبية. احط نفسك باولئك الذين يريدونك ان تتغلب على خوفك و تصل الى غايتك المنشودة.

8. تحلى بالجرأة

للجرأة قدرات شبيهة بالسحر،و هي شيء رائع يجعلك تقوم بأشياء لم تتعود على فعلها من قبل. فعمل نفس الشيئ و انتضار نتائج مختلفة قاعدة خاطئة تدفعك الى اتباع روتين قاتل يغذي مخاوفك و يجعلك حبيس مخاوفك. و لهذا من الضروري التحلي بالجرأة لكسر هذه الحلقة و الخروج من قوقعتك.

ثالثا: غير تفكيرك تجاه الخوف

1. اجعل من خوفك مصدر شغفك

ان نفس الاشياء التي تثير خوفنا قد تثير اعجابنا او حتى شغفنا،و لهذا يستمتع بعض الاشخاص بالرياضات المتطرفة و افلام الرعب و السباحة مع اسماك القرش في عطلة الصيف.فحاول ان تعيد تأطير خوفك بطريقة ايجابية و تتصور مدى الاثارة التي يمكن ان تعيشها.فعندما تبدأ برؤية خوفك على انه مصدر للطاقة،يمكنك انذاك ان تتقبل دوره في حياتك.

اعرف عن مصدر خوفك قدر ما تستطيع. لما لديه كل هذه السيطرة عليك؟و ماذا يمكنك ان تتعلم منه؟ حاول مواجهة خوفك بهذه النظرة الجديدة،هل تشعر باي اختلاف؟

لقد نجح العديد من الاشخاص في حياتهم بالتغلب على مخاوفهم و جعلها مصدرا للمتعة.فقد كانت سوزان كاين،مؤلفة كتاب “هدوء:قوة الانطوائيين في عالم لا يكف عن الكلام” تخاف من التحدث امام الجمهور،غير انها جعلت من خوفها مصدرا لكسب عيشها بتحدثها مع الاف الاشخاص من كل انحاء العالم.

2. ابدأ برؤية خوفك على أنه فرصة

يمكن استعمال الخوف كوسيلة لمساعدتنا على تحديد المشاكل التي نعاني منها و حلها بفعالية.انه المرشد الهادي و الراية الحمراء التي تحذرنا في حال وجود خطب ما.و فور مرور الانزعاج الذي تسببه الموجة الاولى من الخوف،قم بتحليله حتى ترى ما يمكن تعلمه.

حين تشعر بالخوف من شيء مجهول،اعتبر هذا الخوف على انه اشارة لضرورة التعرف على شخص ما او وضع معين بطريقة افضل.

اذا شعرت بالخوف من موعد نهائي او مناسبة ما،فاجعل هذا الخوف فرصة لوضع خطة و تحضير نفسك ،سواء تعلق الامر بالاستعداد لامتحان او بالتدرب على اداء مسرحية او التمرن على القاء خطاب.

اذا كنت تخاف من الماء،فكر في الامكانات التي ستفتح لك ان تغلبت على خوفك هذا،و اجعل من فكرة السباحة و الابحار مع اصدقائك حافزا لك لجعل خوفك فرصة تمكنك من اثراء حياتك.

رابعا: اخلق مكانا للخوف في حياتك

1. دع نفسك تشعر بالخوف أحيانا

ليس هناك من طريقة تقضي بها على الخوف كليا، فالخوف شعور شرعي تماما مثله مثل السعادة او الحزن،و هو يساهم في بناء الشخصية و يعلمنا التصرف بشجاعة.

2. لا تقسو على نفسك كثيرا

فالخوف استجابة طبيعية للاوضاع الخارجة عن سيطرتنا،و الشعور به لا يعنى شيئا عدى كونك انسانا من لحم و دم.

3. لا تضغط على نفسك

فان كنت تشعر بالخوف الشديد من شيء ما، غالبا ما يمكنك تجنبه مثل العناكب،فانت في غنى عن اجبار نفسك على التغلب على هذا الخوف.فالمهم هو تغلبك على المخاوف التي تعرقلك في حياتك،و لذا،لست مجبرا على ممارسة الضغط على نفسك بسبب تلك المخاوف التي ليس لها اثر حقيقي عليك.

4. احتفل بانتصارك

لا تنتظر حتى تتغلب كليا على خوفك للاحتفال بنجاحك،كن فخورا بكل خطوة،سواء ان قصصت حكاية لمجموعة من الاشخاص في حفلة،او رأيت عنكبوتا و أدركت انك لم تشعر برغبة بالفرار ،او قمت برحلة خارج مدينتك لوحدك اول مرة.فعندما تدرك كم رائع الاحساس بالتغلب و لو قليلا على خوفك،ستتمكن من مواجهة الخوف القادم وجها لوجه.