يوميا يقوم كل فرد منا بالخروج من بيته، يذهب إلى العمل، يمارس الرياضة ويقوم بالعديد من النشاطات الأخرى. ولكن هل فكرت يوما كيف يقوم جسمك بهذة الحركات؟
كيف يقوم الدماغ بالتحكم بالحركات التي نقوم بها؟
إن دماغ الإنسان هو عبارة عن حاسوب فائق الذكاء، كلما عرفنا عنه أكثر كلما ازداد شوقنا إلى معرفة واكتشاف المزيد.والدماغ هو أهم عضو في جسم الإنسان ويستخدم 20% من طاقة الجسم، وهذه لسيت نسبة صغيرة بالنسبة لعضو واحد فقط.
ويحتوي الدماغ على ما يعادل 100 مليون خلية عصبية، وهو رقم ضخم جدا مقارنة بباقي أجزاء الجسم وهذا ما يجعل البشر أكثر الكائنات تطورا وذكاء.
ويقوم العقل بالتحكم في جميع العمليات التي يقوم بها الجسم بداية من التنفس والهضم وضربات القلب إلى التفكير والمنطق.
وكثيرا ما قرأنا عن كيف يفكر العقل وكيف يعمل، ولكن هل سبق لك أن قرأت عن كيف يتحكم العقل في حركات جسدك؟
الحركة: هي عملية معقدة جدا رغم أنها تبدو في غاية السهولة، ويقوم العقل بأداء أي حركة عن طريق التنسيق مع أجزاء الجسم المختلفة، فيقوم بتكوين الأفكار التي على أساسها يقوم بتكوين خطة عما سيقوم به الجسم من حركات.
فمثلا، إذا كنت جالسا تقرأ كتابا ما وإضاءة الغرفة ضعيفة، فيقوم العقل بتكوين فكرة أنك تريد أن تشعل المصابيح، فالذي يحدث كالآتي:
أولا تقف مكانك ثم تمشي في اتجاه الزر ثم ترفع يدك حتى تضعظ على الزر لكي تشعل المصابيح.
وهذا يحدث تلقائيا دون حتى إن تفكر فيما ستقوم به ولكن العقل يقوم بكل هذا في الجزء اللاواعي عن طريق آلية العمل هذه:
تتكون الأفكار في القشرة المخية التي تقوم بإرسالها على هيئة إشارات عصبية إلى مراكز أقل تطورا في المخ مثل المخيخ، ويقوم المخيخ بعمل خطط وبرامج تنفيذ لهذه الأفكار وتحويلها إلى حركات متتابعة، ويقوم أيضا بتحديد أي أجزاء الجسم سوف تعمل أولا ثم أيها ثانيا، ويقوم بتحديد تزامن الحركة مع الحركة التي تليها حتى لا يحدث خطأ في أثناء الإنتقال من حركة إلى أخرى.
ثم يقوم المخيخ بإرسال هذه الخطط مرة أخرى إلى القشرة المخية فتقوم بإرسال إشارات الحركة إلى الأجزاء المعنية بالحركة حسب الخطة القادمة من المخيخ فتستجيب العضلات وأجزاء الجسم لهذة الأوامر فتحدث الحركة.
وعن طريق هذه الآلية تحدث جميع الحركات؛ البسيطة مثل المشي، والمعقدة مثل التحدث والكتابة.
ومثال آخر، إذا كنت تسير في الغابة وصادفت أسدا فإن ما يحدث أنك تستدير وتجرى بعيدا، ولكن هل يمكن أن تجري أولا ثم تستدير؟
نعم، فعند وجود أي خلل أو مرض في هذا المسار فإن ما يحدث أن تختل كل الحركات التي تقوم بها دون أن تفكر فيها.
فيجب أن تكون واعيا لكل الحركات المتتالية التي تقوم بها، فعندما ترتدي بدلة فإنك كل مرة ترتديها ستفكر أنك ستلبس القميص أولا ثم تربط ربطة العنق ثم الجاكيت، وإذا شتت أحد انتباهك فإنك ستخطيء ولن تفعلها بالترتيب الصحيح.
وعند تعلم قيادة السيارة فإنك تواجه مشكلة في بداية الأمر لكنك بالتدريج تتأقلم وتقودها دون أن تفكر، ولكن مع مثل هذا النوع من المرض فإنك كل مرة ستقود فيها سيارتك ستواجه نفس الصعوبة وكأنك تقودها للمرة الأولى وستفكر فيما ستفعله أولا ثم ثانيا ثم ثالثا.
وعند القيام بأي عمل يتطلب حركات متتابعة فإنك ستفكر فيه كأنك تفعله للمرة الأولى لكي تفعله بالترتيب الصحيح.
ولا يتوقف المرض عند ذلك، فبمرور الوقت وبتزايد الضمور الحادث في مسار الإشارات تتطور الأعراض أكثر فأكثر، فتقل حركة المريض بالتدريج ويصبح القيام حتى بالمشي أمرا شاقا جدا، فيصاب المريض بالشلل رغم أن أطرافه قادرة على الحركة، ويصاب المريض برعشة في أطرافه كاليدين فلا يستطيع أن يمسك كوب الماء أو الملعقة، وأيضا تتجمد عضلات وجهه فلا يستطيع التبسم أو الضحك كالأشخاص العاديين، ويصبح صوته ضعيفا جدا وكلامه متقطعا.
الأمر أشبه بالجحيم بالنسبه لهؤلاء المرضى، فبعد أن كان كل شيء متاحا له أصبح في وقت بسيط – بسبب خلل ما – ميتا ولكنه ما زال قلبه ينبض.
الأمر بسيط جدا بالنسبة لنا أن نتحرك ولكن هذه الحركة تتطلب عملا شاقا للمخ والتنسيق بينه وبين أجزائه المختلفة تنسيقا دقيقا جدا حتى يتم الأمر بالدقة التي اعتدنا عليها.
وهذا كله يحدث في جزء من الثانية، فبمجرد أن تطرأ في ذهنك أي فكرة فأنت تقوم بتنفيذها دون أن تفكر حتى في كيفية القيام بها.