للأحلام لمسة مميزة، عندما يراودنا حلم في الليل ونفيق في الصباح يعترينا بعض الغموض ونتساءل من أين جاء هذا الحلم؟
الجواب يمكن أن يكمن في فقدان الذاكرة وهذا حسب تقرير لباحثين في عدد من مجلة جمعية العلوم.
تأتينا بعض الأحلام من التجارب السابقة، لهذا قام بعض العلماء باقتراح فرضية أن الأحلام تأتي من نظام يسمى “الذاكرة التصريحية ” والتي تتضمن المعلومات المكتسبة حديثا. الذاكرة التصريحية تقوم بتخزين المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها كإسم الكلب الذي تربيه أو الجذر التربيعي للعدد 9، في كثير من الأحيان، يمكنك أن نتذكر حتى متى أو أين تعلمت شيئا ما. وهذا ما يسمى الذاكرة العرضية.
الأشخاص الذين يعانون بشكل دائم من فقدان الذاكرة لا يمكن إضافة شيء إلى الذاكرة التقريرية أو العرضية، أجزاء من أدمغتهم تشارك في تخزين هذا النوع من المعلومات وذلك لأن ما يسمى منطقة الحصين قد تعرضت للتلف. وعلى الرغم من أن الأشخاض الذين يعانون من هذا المرض يستوعبون معلومات جديدة إلا أنهم ينسونها بعد بضع دقائق.
إذا كانت أحلامنا تولد في الذاكرة التصريحية فإن مرضى الأمنسيا لا يحلمون أو بالأحرى يحلمون بطريقة مختلفة عن الأشخاص العاديين. ولكن الدراسة التي عملها روبرت ستيكغولد باحث في كلية الطب بجامعة هافارد تؤكد عكس ذلك حيث أن المصابين بالأمنسيا يتفاعلون مع تجاربهم وهم نائمين مثل الأشخاص العاديين، الفرق الوحيد هو أنهم لا يعرفون ما يحلمون بهم.
في الدراسة يقوم المعنيون بلعب لعبة تتريس Tetris على الكمبيوتر لمدة معينة. مبدأ اللعبة توجيه القطع المتساقطة في المواضع الصحيحة لتصل إلى الجزء السفلي من الشاشة. في الليل لم يتذكر المرضى لعبهم ولكن في نومهم تفاعلوا وتذكروا مبدأ اللعبة وسقوط القطع. وذكرت المجموعة الثانية من اللاعبين الذين لديهم ذاكرة عادية رؤيتهم لنفس الصور أثناء النوم.
وصل فريق العمل إلى أن الأحلام تنبع من منطقة سليمة عند مرضى الأمنسيا، هذه المنطقة تسمى منطقة الذاكرة الضمنية. هذه هي الذكريات التي يستطيع العلماء معرفتها حتى عندما يكون الأفراد لا يعرفون أن لديهم منها. تم العثور على فئة معينة من الذكريات الضمنية الموجودة في نظام تخزين المعلومات(الذاكرة الإجرائية) والتي لا يمكنك تذكر كيف تعرف ما تفعله. عند ركوب الدراجة لأول مرة منذ سنوات، أو تضغط على أزرار لوحة المفاتيح دون النظر فأنت تعتمد على الذاكرة الإجرائية.
نوع آخر من الذاكرة الضمنية يستخدم “المعرفة الدلالية “، موجودة في أجزاء مختلفة من الدماغ منها منطقة تسمى القشرة المخية.
تتضمن المعرفة الدلالية المفاهيم العامة والمجردة، في كلتا المجموعتين، تم وصف رؤية كتل، السقوط والدورية، ولم ينبهوا للمكتب أو الغرفة أو شاشة الكمبيوتر، أو شعروا بأصابعهم على لوحة المفاتيح. دون مساعدة منطقة الحصين يصعب تذكر الذكريات الجديدة ولكن رغم ذلك فتأثيرها لا يختفي. على سبيل المثال شراء ماركة معينة قد رأيتها سابقا في إعلان لا تتذكره.
من جهة أخرى، ترتبط المعلومات في الذاكرة العرضية مع الأوقات والأماكن أو أحداث معينة. يقول المشاركون في الدراسة أنه بدون هذه الأساسيات في الواقع يمكن اعتبار الأحلام غير منطقية ولا تكاملية. يؤمن ستيكغولد أن الأحلام تخدم غرضا للدماغ، والسماح له بإجراء اتصالات عاطفية ضرورية من بين مجموعة جديدة من المعلومات.
يقول ستيكغولد “الأحلام تمكنك من توحيد ودمج الخبرات الخاصة بك، دون أن تتعارض مع مدخلات أخرى من واقع الحياة، الحلم مثل قولك: أنا ذاهب المنزل، اقفل الهاتف، لا أحد يكلمني. يجب أن أقوم بعمل ” لأن الحُصين ويبدو أن لا يمكن الوصول إليه عن طريق ” خارج الخط ” معالجة الذاكرة، قد يستخدم الدماغ المعلومات المجردة في القشرة المخية الحديثة بدلا من منطقة الحصين التي قد لا تصل إلى هذه المعلومات.
وفقا لنظرية ستيكغولد، الحلم هو مثل اختيار زي من خلال الوصول إلى خزانة”القمصان”و “السراويل”. ستنقب عن شيء ما لارتداءه، لكن القطع لن تكون متوافقة تماما.
الرسائل الأقرب لفترة النوم:
تسمى فترة النوم التي درسها فريق ستيكغولد بـ hypnagogia، وفترات بين أن النوم والاستيقاظ. فئة محددة من الناس تمت إعادة التجارب عليهم سواء الجسدية أو العقلية. كمثال في قصيدة روبرت فروصت “بعد اخبار التفاحة”، يصف رؤية التفاح وأزهار التفاح، الشعور بالسيطرة وهو يوشك على النوم. وضحت الظاهرة أمام ستيكغولد بعد يوم من تسلق الجبال عندما شعر بخشونة الصخر بعد سقوطة أثناء نومه. فترة النوم المدروسة تتميز بحركة العين السريعة أثناء ظهور الأحلام.
وفقا لستيكغولد دراسات أخرى إلى أن الحصين غير نشطة أثناء نوم حركة العين السريعة(rem sleep)، لذلك، يقترح أن نشاط الدماغ المسؤول عن صور تتريس هو على الأرجح مشابه للالحلم الذي يحدث أثناء (REM sleep). تفسير الأحلام التي تظهر أثناء (REM sleep)، هو عملية ذاتية إلى حد كبير. يقول ستيكغولد ” الجيد فيما يخص الصور الناتجة عن تجاربنا هو أنها تعيد لنا بدقة كبيرة انشاء تجربة التتريس، ليس هناك تفسير ضروري آخر”.