إن تعلم العلم دون العمل به لا يختلف البتة عن عدم العلم (بيتر ساغ)
إن كنت تقرأ ويبدو عليك أنك تنسى معظم المعلومات التي كنت تعمل جاهدًا للوصول إليها، فهذا المقال موجه إليك. سأخبرك بثلاثة أشياء:

  •  بعض التنبيهات.
  •  شرح لأهمية هذه التنبيهات وكيف ستساعدك على تذكر المعلومات بشكل أفضل.
  •  أربعة خطوات يمكنك اتباعها لتذكر الأشياء بسهولة.
    كنت قد تعلمت في عام 2016 شيئًا مختلفًا من كل كتاب أقوم بقراءته ثم أكتب عنه بعد ذلك، وإليك ما تعلمته:

إقرأه حين تكون بحاجة إليه

باتت المعلومات على بعد ضغطة زر لشدة توفرها، ومعرفتك بالكثير من الموضوعات تجعل منك شخصيةً مثيرةً للاهتمام، لكن بما أنك تتصفح الإنترنت بشكل مستمر فأنا أراهن أن لديك بالفعل الكثير لتشاركه وتتحدث عنه في الحفلات والمناسبات. 

أن تكون ذكيًا لأجل الذكاء وحسب ما هو إلا تغذيةٌ لهالة الأنا المغرورة وزيادةً لحجمها، فلا تتعلم العلم لأجل العلم وحده بل مارس تلك العلوم واستخدمها في حياتك اليومية، لا يهم مقدار ما لديك من المعلومات بقدر أهمية ما تفعله أنت بها وكيف تحولها وتجسدها واقعًا وأفعالًا.

المثير للسخرية هنا هو أن ما تتعلمه في وقت حاجتك إليه يساعدك أيضًا لتذكره بشكل أفضل، لماذا؟ حسنًا إليك الإجابة.

هناك نوعان من الذكريات: 

  • الذكريات التي نبذل جهدًا واعيًا لتشكيلها.
  • الذكريات التي نُشكّلها في حالات اللاوعي ومن خلال التجربة والمشاهدة.

إن النوع الأول من الذكريات يتم تخزينه في منطقة الحُصين في الدماغ. وهو ما يحدث حين يقدم جارك الجديد نفسه إليك ثم تبدأ بترديد اسمه مرارًا وتكرارًا: خالد، خالد، خالد، كي لا تنساه. 

أما النوع الثاني فهو الذي يتم تخزينه في القشرة المخية الحديثة، فأنت حين تذهب إلى مدينة الملاهي رفقة جدك وجدتك للمرة الأولى ويبتاع لك أحدهما بعضًا من المثلجات فتسقط على الأرض لسوء الحظ، ثم تأتيك المرأة اللطيفة من خلف منضدة البيع بكوز مثلجاتٍ جديد، فإن التجربة تنتهي عند هذا الحد.

إن الذكريات التي تُخزن هنا تكون أقوى بكثير لأن كل جزء من هذه الذكرى يتم الاحتفاظ به في أجزاء مختلفة من الدماغ. 

فعلى سبيل المثال، يتم تخزين مذاق تلك المثلجات في نقاط الاشتباك العصبية في الجزء المسؤول عن المذاق والطعم، بينما سيبقى تصميم محل المثلجات عام 1920 في جزء المعالجة البصرية.

إن زيادة نقاط الاشتباك العصبية في مكان ما يعني تذكّرًا أفضل، ولذلك كانت التجارب أكثر سهولة في التذكر. 

فالخبراء في أي مجال من المجالات أكان ذلك في لعبة الشطرنج أو الكونغ فو أو المبيعات والتسويق، أصبحوا كذلك من خلال التجربة والتكرار والممارسة، إن خبرتهم وذكائهم في استخدام ما يتعلمونه هو الذي بنى ذاكرتهم.

إذًا، لا تحشو الحُصين بكميات مهولة من المعلومات بل إستخدم ما تتعلمه لتشكّل تجاربك الخاصة.

اقرأه حين تكون بحاجة إليه

فكّر في الأمر برمته على أنه مدخلات ومخرجات. فإن كان لديك مُخرج ما تحاول الإتيان به واستخلاصه (كحل مشكلة وضع خطة تسويق لأعمالك) فيجب أن يكون هناك شيءٌ ما تربط المدخلات به (وهو كتابٌ عن التسويق).

وبالتأكيد يمكنك اختراع سبب لحاجتك لشيء ما، ففي العام المنصرم إحتجت تعلم شيء من كتاب مختلف في كل يوم، وذلك لأن لدي منشورًا لكتابته في مدونتي، إن الأمر ببساطة كان أنني استخدمت ما تعلمته مباشرة وحولته إلى شيء جعل تعلمه ذات فائدةٍ ومعنى.

المحتويات

أربعة خطوات يمكنك اتباعها للتذكّر بشكل أفضل

1. التباعد

حين تتمتم اسم خالد مرةً تلو الأخرى بعد أن تسمعه للمرة الأولى فإن ذلك لن يجدي نفعًا ولن يساعدك في تذكره، إذ أن الدماغ بحاجةٍ لفترات راحةٍ ليتذكر الأشياء. بينما حين ترسل لنفسك تذكيرًا باسم خالد بعد يومين من سماعه للمرة الأولى فإن الأمر سيغدو أكثر فاعلية بكثير. ويطلق عليه (تأثير التباعد)

2. تأثير زيجارنيك

يميل دماغنا لتذكيرنا بمهماتنا غير المنتهية، وهذا ما يسمى (تأثير زيجارنيك) نسبةً للعالمة التي أتت به. 

ففي التعليم، يعني هذا الأمر أنك حين تأخذ قسطًا من الراحة بعد حصة رياضيات مكثفة لأربع ساعات، فإن اللاوعي سيواصل العمل على آخر مسألة كنت تحاول أن تخرج بحل لها، ليأتيك الحل وأنت تستحم مساءً أو في صباح اليوم التالي. 

فهناك فائدةٌ مزدوجة لأخذ قسط من الراحة: تكرار المدخلات الصحيحة سيجعلها تترسب عميقًا إلى جانب أن دماغك سيذكرك بالمعلومات بشكل تلقائي في الوقت الصحيح.

3. التقسيم أو التقطيع

1117200112241999 رقمٌ يصعب تذكّره، لكن إن كانا تاريخين متعاقبين فلن يكون الأمر كذلك:11/17/2001 وَ 12/24/1999وخاصةً إن وُضعا في سياق محدد مثل: يوم ميلاد صديقي وعيد الميلاد يوافق عام 1999 قم بتقسيم المعلومات الكبيرة لأقسام صغيرة ووضعها في سياقات محددة وستغدو أكثر سهولة للتذكّر والاستحضار.

4. قصر الذاكرة

في حين أن التجارب تعد أقوى طريقةٍ للتذكر، فإنه يمكنك صنعها في رأسك لتجربة تأثير مشابه إلى حد ما.

سر عبر طريق تعرفه جيداً في عقلك وضع الأشياء التي تريد تذكّرها على طول ذلك الطريق. 
تخيل أنك تمشي في منزلك وتضع عناصر قائمة البقالة في أماكن مختلفة،  فتضع البصل في درج الجوارب والخبز فوق طاولة المطبخ والليمون في خزانة ملابسك،  ثم حين تذهب بعد ذلك لمحل البقالة فكل ما عليك فعله هو أخذ جولة عقلية والتقاط كل تلك العناصر وأنت تسير قدمًا.

وتبقى النصيحة الأفضل على الإطلاق:

اقرأه حين تكون بحاجة إليه